الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***
ما: في جميع معانيها تُعبِّر عنْ غير الآدَميِّين، وعن صِفات الآدِميِّين. ما الاسْتِفْهَامِيّة:
-1 معناها: مَعْنَاها: أيُّ شَيء نحو {مَا هِي؟} (الآية "68" من سورة البقرة "2")، {مَا لَوْنُها؟} (الآية "69" من سورة البقرة "2")، {ومَا تِلْكَ بيَمينِكَ} (الآية "17" من سورة طه "20") وهي سُؤَالٌ عَنْ غَيْر الآدمِيِّين وعَنْ صِفَاتِ الآدميين، فإذا قلتَ: "ما عِنْدَكَ؟" فَتُجِيبُ عَنْ كلِّ شيء ما خَلاَ مَنْ يعقل، و "ما" في قولك "ما اسْمُكَ؟"، و "ما عِنْدَكَ؟" في مَوضِع رفعٍ بالابْتِداء. -2 حَذْفُ ألفها: يَجبُ حَذْفُ ألِف "مَا" الاسْتِفهامية إذا جُرَّت وإبْقَاءُ الفَتحَةِ دَليلًا عَلَيْها نحو "فِيمَ" و "ألامَ" و "علاَمَ" و "بمَ" و "عمَّ" نحو {فِيمَ أنْتَ مِنْ ذِكْراها} (الآية "43" من سورة النازعات "79")، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُون} (الآية "35" من سورة النمل "27")، {لِمَ تقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونُ} (الآية "2" من سورة الصف "61"). -3 تركيب ما مع "ذا": (=ذا). تأتي في ذلك على أربعَةِ أوْجُه: أحَدُها: أنْ تكونَ مع "ذا" للإشَارَة نحو "ماذا التَّقْصِير". الثاني: أَنْ تكونَ مَعَ "ذَا" المَوْصُولة. الثالث: أنْ يكونَ "مَاذا" كُلُّه اسْتِفْهَامًا على التَّركيب كقول جرير: ياخُزْرَ تَغْلِبَ مَاذَا بَالُ نِسْوتكم *** لا يَسْتَفِقْنَ إلى الدَّيْرَينِ تَحنَا نا (الخزر: جمع "أخزر" وهو صغير العينين). الرابع: أنْ يَكُونَ "مَاذا" كلُّه اسمَ جِنسٍ بمعنى شيء أو موصولًا بمعنى الذي على خِلافٍ في تخريجِ قول المثقّب العبدي: دَعِي مَاذا عَلِمتِ سأتَّقِيه *** ولكنْ بالمغَيَّبِ نَبِّئيني فالجُمهورُ على أَنَّ "مَاذَا" كُلَّهُ مَفْعول "دَعِي" في البَيْت، ثمَّ اخْتَلفُوا فقال بعضُهم: مَوْصُول بمعنَى الذي، وقال آخَرُون: نَكِرَةٌ بمَعْنَى شيء. ما الإبْهامِيَّة: هي التي إذا اقْتَرَنتْ باسمٍ نَكِرة أَبْهَمته وزادَتْه شِياعًا وعُمومًا نحو "أعْطِنِي كِتَابًا ما" أمَّا قَوْلُهم "أعَطِني أَيَّ كتات"، فخطأ: إذ لا تصلح أيّ هنا لا للاستفهام، ولا للموصول. مَا التَّعَجُّبِيَّة:
(=التَعَجُّب 3). مَا الحِجَازِيَّةُ:
-1 التّعريفُ بها وتسميتها: "مَا" الحجازية هي من المُشَبَّهاتِ بـ "لَيْسَ" في النَّفي وتَعملُ عَمَلَهَا وهو رأي البصريين (أما الكوفيون فلم يعملوها، وما بعدَمَا عندهم مبتدأ والاسم بعده خبر، كما أهملوا ليس حملًا عليها، فقالوا: ليس الطيبُ إلا المِسْكُ، وأصلهم أن التميميين أهملوهما) وإنما سُمِّيت حِجَازيَّةً لأنَّ الحِجَازِيِّين أَعْمَلُوها، في النَّكِرَة، والمَعْرِفَة، وبلُغَتِهم جاء التَّنْزِيل قال تعالى: {مَا هَذا بَشَرًَا} (الآية "31" من سورة يوسف "12")، {ما هُنَّ أُمّهَاتِهْم} (الآية "3" من سورة المجادلة "58"). -2 شُروط إعمالها: تضعْمَلُ "مَا" الحجازيةُ بأربعَةِ شُرُوط: (أحدُها) ألاّ يَقترن اسمُها بـ "إن" الزَّائدة وإلاَّ بَطَل عَملها كقوله: بَنِي غُدَانَةَ مَا إنْ أَنْتُمُ ذَهَبٌ *** ولا صَرِيفٌ ولَكِنْ أنْتُم خَزَفُ (برفع "ذهب" على الإهمال، ورواية ابن السكيت "ذهبًا" بالنصب، وتخرَّج على أن "إن" النَّافِية مؤكدة لِـ "ما" لا زَائِدة، و "غدَانة" هي من يربوع، "الصَّرِيف" الفضة الخالصة "الخَزَفُ" كُلُّ ما عُمِلَ من طين وشُوِي بالنَّار حتى يكونَ فخارًا). (الثاني) ألاَّ يَنْقِضَ نَفْيُ خَبرِها بـ "إلاَّ" ولذلك وجَبَ الرفعُ في قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنا إلاَّ واحِدَةٌ} (الآية "50" من سورة القمر "54")، {وَمَا محَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ} (الآية "144" من سورة آل عمران "3")، {مَا أَنْتُم إلاّ بَشَرٌ مثلُنا} (الآية "15" من سورة يس "36") فأمَّا قوله: وَمَا الدَّهْرُ إلا مَنْجَنُونًا بأهلِه *** ومَا صاحِبُ الحاجاتِ إلاَّ مُعذَّبا ("المنجنون" الدُّولاب التي يُستَقى بها الماء والمعنى: وما الزَّمان بأهله إلا كالدولاب تارةً يرفع وتارةً يَضَع). فمِنْ بابِ المفْعُولِ المطلَقِ المحذوف عَامِلُه، على حدِّ قولك "مَا محمّدٌ إلاَّ سَيْرًا" أي يَسيرُ سَيْرًا والتقدير في البيت: مَا الدَّهرُ إلاَّ يَدورَ دَوَران مَنْجنونٍ بأهلِه *** وماصاحبُ الحَاجَات إلا يُعَذَّبُ تعذيبًا وَأَجازَ يُونُس النصب بعد الإيجاب مطلقًا وهذا البيتُ يَشْهَدُ لَهُ (وعند الفراء يجوز النصب بعد الإيجاب إذا كان الخبر وصفًا). ولأجلِ هذا الشّرطِ وجبَ الرَّفعُ بعد "بَلْ ولكن" في نحو "ما هِشَامٌ مسافرًا بل مُقيمٌ" أو "لكنْ مقيمٌ" على أنه خبرٌ لِمُبْتَدأ محذوف ولم يَجُزْ نَصْبُهُ بالعَطفِ لأَنَّهُ موجَب. (الثالث) ألاَّ يَتَقَدَّم الخبرُ على الاسم وإن كان جَارًَّا ومَجرورًا، فإن تَقَدَّمَ بَطَل كقولهم "ما مُسِيءٌ مَنْ أعْتَبَ" (فـ "مسيء" خبر مقدم و "من" مبتدأ مؤخر، وحكى الجرمي "ما مُسِيئًا من أعتب" على الإعمال وقال: إنه لغة، والمعتب: الذي عاد إلى مَسرَّتِك بعدَما سَاءك). وقول الشاعر: وَمَا خُذّلٌ قَومِي فَأَخْضعَ للعِدى *** وَلَكِنْ إذا أدْعُوهُمُ فَهُمُ هُمُ (خذل: جمع خاذل، خبر مقدم و "قومي" مبتدأ مؤخر). قال سيبويه: وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق: فأصبَحوا قَد أعادَ اللّه نِعْمَتَهُمْ *** إذ هُمْ قُرَيْشٌ وإذ ما مِثْلَهم بشرُ بنصب "مثلهم" مع تقجمه، فقال سيبويه: وهذا لا يَكادُ يُعرَف، على أن الفرزدق تَمِيمِي يَرفَعُه مُؤَخَّرًا فكيف إذا تَقدَّم،. (الرابع) ألاَّ يَتَقَدَّمَ معمولُ خَبَرها على اسْمِها، فإن تقدَّم بَطَلَ عَمَلُها كقول مُزَاحَم العُقَيلي: وقالوا تَعرَّفْها المَنَازلَ مِن مِنىً *** وما كُلَّ مَنْ وَافَى مِنىً أنا عارفُ ("تَعَرَّفَها" يقال: تَعَرَّفتُ ما عِندَ فلان: أي تطلبت حتى عرفت، "المَنازِل" مَفْعول فيه، أو منصوب بنزع الخَافِص، و "كل" مفعول "عارف". فبطل عمل "ما" لبقدم معمول الخبر على الاسم فـ "أنا عارف" مبتدأ وخبره). إلاّ إن كانَ المعمولُ ظرفًا أو مجرورًا فيجوزُ عَمَلُها كقول الشاعر: بأُهْبَةِ حَزْمٍ لُذْ وإنْ كُنتَ آمِنًا *** فما كُلَّ حِينٍ مَنْ تُوالِي مُوالِيا (فـ "ما" نافية حجازية "من توالي" اسم موصول اسمها "مواليًا" خبرها منصوب "كل حين" ظرف زمان منصوب بـ "مواليًا"). والأصْلُ: فَمَا مَنْ تُوَالي مُواليًا كُلَّ حين. -3 زِيادَةُ الباءِ في خبرها: تُزَاد الباءُ في خبر "ما" بكثرة وذلك نحو قوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (الآية "99" من سورة آل عمران "3"). مَا الشَّرطِيَّة: يُعَبَّر بها عَنْ غيرِ العاقِلِ، وتجزمُ فِعْلَين، ولا بُدَّ لَها مِن عائدٍ، تقول: "ما تركَبْ أرْكَبْ" ولا بُدَّ منْ تقدير الهَاء، أي أرْكبْه، والأحسن "ما تَرْكَبْ أركَبْهُ" ومثله قوله تعالى: {وَمَا تَفْعلوا مِن خير يعلمهُ اللَّه} (الآية "197" من سورة البقرة "2") فـ "مَا" شَرْطيَّة مفعول تركب وأضمرت الهاء في تَرْكَبْ، فإذا جعلتها بمنزلة الذي قلت: ما تقولُ أقولُ، فيصيرُ تقول صلةً لِمَا، حتى تكمل اسْمًا، فكأنّك قلت: الذي تقولُ أقولُ، كما يقول سيبويه. (=جَوَازِم المُضَارع 3). مَا الكَافَّة: هي التي تَكُفُّ عَامِلًا من كَلِمةِ أو حَرفٍ عَنِ العَمَل فمِنْها: كافَّة عن عَمَل الرَّفْع، وهي المُتَّصَلة بـ "قَلَّ" و "طالَ" و "كثُر" تَقُول: قَلَّما، و "الَما، وكثُرما، فمَا هُنا كَفَّتِ الفِعلَ عن طضلَبِ الفَاعل، ومِنْها الكَافَّةُ عَنِ عَمَلِ النَّصْبِ والرَّفعِ، وهي المُتَّصِلةُ بـ "إن" وأخَوَاتِها نحو {إنَّما اللّهُ إلهٌ واحدٌ} (الآية "171" من سورة النساء "4") ومِنْها الكَافَّةُ عَنْ عَمَل الجَرِّ، وهي التي تَتَّصِلُ بأحْرُفٍ، وظُرُوفٍ، فالأحرف "رُبَّ" و "الكاف" و "الباء" و "من" والظرف "بعد" و "بين". مَا المصدريَّة والمصدريَّة الظَّرفيَّة:
(=الموصول الحَرْفي 2 و 3). مَا الموصُولَة: وتُسْتَعملُ فيما لا يَعْقل نحو: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} (الآية "96" من سورة النحل "16")، وقد تكونً لَه مع العَاقِل نحو {سَبَّحَ للّهِ مَا فِي السَّمَواتِ وَمَا في الأرْضِ} (الآية "1" من سورة الصف "61") ومنه {إنَّما صَنَعوا كَيْدُ سَاحِرٍ} ومنه {إنَّما توعَدُون لآتٍ} وفي كليهما: إنَّ الذي صَنَعوا، وإنَّ الذي توعدون. وتكونُ لأنْواعِ مَنْ يَعقل نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (الآية "3" من سورة النساء "4") وتكونُ للمُبْهَم أمْرُه، كقَولِك حين تَرَى شَبَحًا من بُعْد "انظر إلى ما ظَهر". وإنْ جَعَلتَ الصِّفَة في مَوضِعِ المَوْصُوفِ عَلى مَا يَعْقل، ومن كلام العَرَب: "سُبْحضانَ مَا سَبَّح الرعدُ بِحَمدِه"، وقال تعالى: {والسَّماءِ ومَا بَناها} (الآية "5" من سورة الشمس "91"). مَا النَّافِيَة: تَنْفي المَاضِي والحَاضِر، وهي لِنَفْي المَعَارِف كثيرًا والنَكِرَات قليلًا. وإذا دَخَلَتْ على المُضَارع كانَتْ لنَفْي الحَال نحو: {ما يَقُولون إلاَّ حَقًّا} وتَقُول: "مَا يَفْعل" نَفْيٌ لقوله "هُوَ يفعل". مَا: النكرةُ المَوْصُوفة، بأْتي بمعنى شَيءٍ أو أمر، وتُوصَفُ بمَا بَعْدها كما قال أُميَّةُ بنُ أَبي الصَّلْت: رُبَّ مَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأ *** مْرِ لَه فُرْخَةٌ كحَلِّ العِقَالِ مَا الوَاقِعةُ بعد نِعْمَ:
(=نِعْمَ وبِئْسَ 2 تعليق). ما انْفَكَّ: أصْلُ مَعْنى "انْفَكَّ زَالَ، فَلَمّا دَخَلتْ "مَا" صَارتْ بمعنى مازَال. (1) وهيَ مِن أخَواتِ كانَ، وأَحْكامُها كأحْكامِها،. (=كان وأخواتها). وهي ناقِصةُ التَّصَرُّفِ، فلا يُسْتَعْمَل مِنها أَمْرٌ ولا مَصدَرٌ وقد يعمل اسمُ الفاعل كما سيأتي ولا تَعمَل إلاَّ بشَرطِ أنْ يَتَقَدَّمَ عليها "نَفْي أو نَهْيٌ أوْ دُعَاء" فمِثَالُها بعدَ النَّفْي بالاسمِ المَوْضوعِ للنَفي قوله: غَيْرُ مُنْفَكٍّ أسِيرَ هضوىً *** كلُّ وَانٍ لَيْسَ يَعْتَبرُ ("منفك" اسم فاعل "انفك" واعتمد على النفي الاسمي وهو "غير" "أسير" خبر مقدم لـ "منفك" و "كل" اسم منفك). ومِثالُها بَعدَ النَّفْي بالفعلِ الموضوعِ للنَّفْي قولُهُ: لَيْسَ ينفَكُّ ذا غِنىً واعْتِزَازٍ *** كُلُّ ذِي عِفَّةٍ مُقِلٌّ قَنُوعُ ("كل" يتنازعه "ليس ويَنْفك" فهو اسمُ يَنْفَكُّ أو يعود عليه اسم ينفك "ذا غنى" خبر ينفك). ولا يَجُوزُ تَقْديمُ خَبَرِها عَلَيها بِخِلافِ "كان" وَمُعْظَمِ أخَوَاتها. (2)قد تأتي - انْفَكَّ - تامّةً بمَعْنى "انْفَصَل" تقولُ: "انْفَكَّ الخَاتَمُ" أي انْفَصل، ومِثْلُها "ما انْفَكَّ الخَاتم" أيْ لمْ يَنْفصل. مَا بَرِحَ:
(1)أصْلُ مَعْنى "بَرِحَ" مِنْ "بَرِحَ المَكَان" زَالَ عنه، فلما جاءَتْ "مَا" النافيةُ أفادتْ معنى: بَقِيَ. وهِي مِنْ أَخَواتِ "كانَ" وأَحْكَامها كأحْكَامها وهي نَاقِصَةُ التَّصَرُّفِ، فلا يُستَعْمَلُ مِنْها أمْرٌ ولا مَصدَرٌ، ولا تَعْملُ إلاَّ بِشَرْطِ انْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا: "نَفْيٌ أوْ نَهْيٌ أوْ دُعاءٌ". مِثَالها بعد النَّفي بالحَرْف {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِين} (الآية "91" من سورة طه "20") ومنه قولُ امرِئ القَيْس: فَقُلتُ يَمينُ اللّهِ أبْرَحُ قَاعِدًا *** وَلَوْ قَطَعُوا رَأسي لَديْكِ وأَوْصَالي (أبرح هنا على تقدير "لا أبْرحُ" لوجود القسم، ولو أراد الإثبات لقال: لأبْرحَنَّ). ومِثالُها بَعْدَ النَّفْي بالفِعلِ قولُه: قَلَّما يَبْرَحُ اللَّبِيبُ إلى مَا *** يُورِثُ الحمدَ دَاعِيًا أو مُجِيبا (قلما هنا بمعنى النفي لا القلة، والمراد المبالغة بالقلة حتى تصير نفيًا، ولذا ينصب المضارع بأن مضمره بعد فاء السببية إذا تقدمت قلما). وتنفردً "ما برحَ" عن كان: بأنها لا يجُوزُ تقديمُ خبرِها عليها. (2)وقد تَأْتِي تَامَّةً بمعنى ذَهَبَ نحو {وَإذْ قَالَ مُوسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ} (الآية "61" من سورة الكهف "18") أي لاَ أَذْهَبُ. (=كان وأخواتها). مَا دامَ:
(1)مَنْ أخَواتِ "كَانَ". وأصلُها: "دَامَ" بمعنى استَمَرَّ، ودَخَلَتْ عليها "مَا" المصدريَّة الظَّرْفيَّة. وهي الوَحِيدَةُ مِنْ أخَواتِ كانَ التي يَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَها "مَا" المَصْدَريَّة نحو {وَأوْصَاني بالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياَّ} (الآية "31" من سورة مريم "19") أيْ مُدَّة دَوَامِي حَيَّا. و "ما" هذه مَصْدريَّة لأنَّها تُقَدَّرُ بالمَصْدَرِ وهو الدَّوَام وهي "ظَرْفِيَّةٌ" لِنِيابَتِها عَنِ الظَّرْفِ وهو "المُدَّة" ولاَ يجوزُ تَقْدِيمُ خَبَرِها عَلَيْهَا بِخِلاَفِ "كان" والكثير منْ أَخَوَاتها. (2)قَدْ تُسْتَعْمَلُ "مَا دَام" تامَّةً إذا كانت بمعنى "بَقِي" نحو {خالدِينِ فِيها مَا دَامَتِ السَّمَواتُ والأرضُ} (الآية "108" من سورة هود "11"). (=كان وأخواتها). مَاذَا:
(="ما" الاستفهاميَّة 3، وذا الموصولة "2"). مَا زَالَ: زَالَ ماضي يَزالُ (إنما قُيدتْ بماضي يزال احتِزازًا من "زَال يَزيل" بمعنى مَاز ومَصدره "الزَّيل" ويتعدَّى إلى مفعولٍ واحدٍ، واحْترازًا من "زَال يَزُول" فإنه فعلٌ تَام لازم، ومَعْناه الانتقَال ومَصْدره الزَّوَال)، وهي مِنْ أخَواتِ "كَانَ". وهي نَاقِصَةُ التَّصَرُّف، فلا يُستعمَل منها أمْرٌ ولا مَصْدَر، ويُمْكِنُ أنْ يَعْمَلَ فيها اسْمُ الفَاعِلِ نحو قولِ الشّاعر: قَضَى اللّهُ يا أَسْماءُ أن لَسْتُ زائلًا *** أحِبُّكِ حتَّى يُغْمِضَ العَيْنَ مُغْمِضُ ("زائلًا" اسمُ فَاعِل زَال النَّاقِصة، وسَبَقه نفي بالفعل، فاسْمُه مستَتر فيه تقديره "أنا" وجملة "أحبك" خبره). ولا تَعْمَل إلاَّ بِشَرْط أنْ يتَقدَّمَ عَلَيْها: "نَفْيٌ، أَوْ نَهْيٌ، أَوْ دُعاءٌ". مِثالُ النَّفْي {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (الآية "118" من سورة هود "11"). ومِثَال النَّهي قَوْلُ الشاعر: صَاحِ شَمِّرْ ولا تَزَاْ ذَاكِرَ الموْ *** تِ فَنِسْيَانُهُ ضَلاَلٌ مُبينُ ("القطر" وهو المطر: اسم زال مؤخرًا و "منهلًا" خبر مقدم و "ألا" حرف استفتاح "يا" حر ف نداء والمنادى محذوف أي يا هذه أو حرف تنبيه "الجرعاء" تأنيث الأجرع: زملة مستوية لا تنبت شيئًا). وتَنْفَرِدُ عن "كانَ" بأنَّها لا يَجُوزُ تَقْديمُ خَبَرِهَا عَلَيْها، فلا يجُوزُ "صَائمًا مَا زَالَ عَلِيٌّ - أمَّا تَقَدُّمُه عَلى "زَالَ" وبعدَ "مَا" فَجَائِزٌ نحو: "مَا صَائِمًا زَالَ عَليّ" وبأنها أُلزِمَتْ النَّقْصَ فلا يَأتِي مِنْها فِعْلٌ تامٌّ. (=كان وأخواتها). المَاضِي:
-1 تَعْريفه: مَا دَل على شَيءٍ مَضَى، قَلَّتْ حُروفُه أو كَثُرت، إذا أَحَاطَ به مَعْنى "فَعَلَ" نحو "ضَرَب" و "حمِد" و "دحْرَجَ" و "انْطَلَقَ" و "اقْتَدَرَ" و "اسْتَخْرَجَ" و "اغْدَوْدَنَ". -2 عَلامَتُه: يَتَمَيَّز المَاضِي بِقَبُولِ تَاءِ الفَاعِل (ومتَى دَلَّت كَلمةٌ على مَعْنى المَاضِي، ولم تَقْبل إحدى التَّاءَين، فهِيَ اسمُ فِعْل مَاضِ كـ "هَيْهَات" بمعنى بَعُدَ، و "شتَّان" بمَعْنى افترق) كـ "تَبَارَكَ وعَسَى ولَيْسَ"، أو تَاء التَّأنيث السَّاكنَة كـ: "تِعْمَ وبئس وعسى وليس". -3 حكمه: الماضي مَبْنيٌّ على الفَتْح دائمًا كما يَقُولُ المُبرد وسيبويه، وَهُوَ الأصلُ، في بِنَائه، أمَّا ما يَعرِض له من الَّم والسُّكونِ فذلك لعَارِضِ الواو، والضَّمير، وقيل يُبنى على الضَّم والسكون كما يبنى على الفتح، وهذا ضعيف. مَا فَتِئ: أصْلُ مَعْنى "فَتئ" نَسِيهُ وانكفَّ عنه فَلَمّا دَخَلَتْ "ما" أفادَتِ الاسْتِمرَارَ والبقاء. وهي مِن أخَواتِ "كانَ" أحْكامًها كأَحْكَامِها، وهي نَاقِصَةُ التَّصرفِ فلا يُسْتَعْمل مِنْها أمْرٌ ولا مَصْدرَ ولا تَعْمَلُ إلاَّ بِشَرْطِ أنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْها "نَفْيٌ أو نَهْيٌ أو دُعَاء" نحو {تَاللّهِ تَقْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} (الآية "85" من سورة يوسف "12") ولا يَجوزُ تَقْديمُ خَبَرِها عَلَيها بِخِلافِ كانَ وكَثِيرٍ مِنْ أَخَواتِها ولا تَرِدُ إلاَّ نَقِصَةً (=كان وأخواتها). مَالَكَ قَائِمًا: مَعْناه: لِمَ قمتَ، ونَصَبْتَ "قائمًا" على الحال، عَلى تَقْدير: أيُّ شَيءٍ يَحْصُل لك في هذا الحَال، ومصله قوله تعالى: {فَمَا لَكُم في المُنافِقينِ فِئَتَين} مَعْنَاه: أيُّ شَيءٍ لَكُم فِي الاخْتِلاف في أَمْرِهم، وفِئَتَيْن: فِرْقَتين، وهو مَنْصوب - عِنْدَ البصريين - على الحَال، وعندَ الفَرَّاء: منصوب على أَنَّه خبرُ "كانَ" مَحْذوفَة، فقولك: "مالك قائمًا" تقديره: لِمَ كُنْتَ قائمًا. مَالَكَ وزيدًا: ومثله: "وما شَأْنُك وعَمْرًا" فإنما حَدُّ الكَلامِ هَهُنا: ما شَأْنُك وشَأنُ عَمْروٍ، فإنْ حَمَلْتَ الكلامَ على الكَافِ المُضْمَرة - أي عَطَفْتَ عَلَيها - فهو قَبيحٌ، وإنْ حَمَلْتَه على الشَّأن - أيْ عَطَفْتَه - لم يجز، فَلمَّا كان ذلكَ قَبيحًا حَمَلُوه على الفِعْل - أي المُقَدَّر - فقالوا: "ما شَأْنُكَ وَزَيدًا"وأي ما شَأْنُكَ وتَنَاوُلُكَ زَيدًا. وقال المسكين الدارمي: فما لَكَ والتَّلَدُّدَ حَوْل نَجْد *** وقَدْ غَصَّتْ تِهامةُ بالرجالِ وسَيَأْتي هذا البيت في المَفْعول معه على الرَّأي الضَّعِيف، وقال عبدُ مناف ابنِ ربع الهذلي: ومَا لَمُم والَرْطَ لا تَقْربُونه *** وقَدْ خِلْتُه أدْنَى مَرَدٍّ لَعَاقِل (الفرْط: طريق بتهامة، وخلته: أي علمته، لعاقل: المتحصن في المعقِل). فإذا أظْهَرَ الاسْمَ فَقَال: "ما شأنُ عبدِ اللّهِ وأَخِيه يَشْتُمُه" فَلَيسَ إلاَّ الجرُّ، لأَنَّه قّدْ حَسُنَ أَنْ تَحْمِل الكلامَ عضلى عَبْدِ اللّه، أي تَعْطِفَه. مبالغة اسم الفاعل وصيغها العاملة:
-1 تَعْريفها ومَعْناها: أَجْرَوا اسمَ الفاعل إذا أرَادوا أن يُبَالِغوا في الأمر مَجْراه إذا كانَ على بِناءِ فَاعل، لأَنه يُرِيد به ما أَرَادَ بِفَاعِل مِن إيقَاعِ الفِعل، إلاَّ أنَّه يُريدُ أن يُحدِّث عن المُبَالَغة. -2 أمثِلةُ المُبَالَغَةِ وعَمَلُها: يَقُولُ سيبويه: فما هُوَ الأصلُ الذي عَلَيه أكثَرُ هذا المعنى: "فَعُول" و "فعَّال" و "مفْعَال" و "فعِل" وقد جَاء "فَعِيل" كَرحِيم، وعَلِيم، وقَدِير، وسَمِيع، وبَصِير، و "فعِل" أَقَلُّ مِنْ "فَعِيل" بكثير. مثل: "دَرَّاك" و "سأّر" من أدْرَكَ وأَسْأَرَ، و "معْطاء" و "مهْوَان" من أعْطَى، وأَهانَ، و "سمِيع" و "نذير" من أَسْمَعَ وأَنْذَرَ، فما أتى على هذه الصِّيغِ تَعْمَلُ عَملَ اسمِ الفاعِلِ بِشُروطهِ المذكورة في بَحثهِ، كقول القُلاخِ بنِ حَزْن في فَعَّال: أَخا الحَرْبِ لَبّاسًا إلَيها جِلاَلَهَا *** وَلَيْس بوَلاّجِ الخَوالِفِ أعْقَلا (أخا الحرب، ولباسًا: حالان صاحبهما في البيت قبله، والجِلال: أراد به ما يُلْبَس من الدروع، والوَلاَّج: مُبالغة والج، والخَوالِفِ: جمع خالِفة: وهي عماد البيت وأرَادَ بها البيت). ويقول سيبويه: وسَمِعنا من يَقُول: "وأمَّا العَسَلَ فأنا شَرَّابُ" ومنه قول رؤبة: "بِرَأْسِ دَمَّاغٍ رُؤوسَ العِزِّ". وحكى سيبويه في مِفْعال: "إنَّهُ لمِنْحَارٌ بَوائِكهَا" (البَوائِك: جمع بَائكة وهي النَّاقَةُ الحَسَنَة). وكقول أبي طالب في فَعُول: ضَرُوبٌ بنَصْلِ السَّيفِ سُوقَ سِمانِها *** إذا عَدِمُوا زَادًا فإنَّكَ عَاقِرُ ومِثْلُه قَولُ ذِي الرُّمة: هَجُومٌ عَلَيْها نَفسَه غيرَ أنها *** مَتَى يُرْمَ في عَينيه بالشَّبْحِ ينهضِ ومثله قول أبي ذؤيب الهذلي، ونسبه في اللسان إلى الراعِي: قَلَى دِيهَه واهْتَاجَ للشَّوق إنَّها *** على الشَّوقِ إخوَانَ العَزَاء هَيُوجُ وكقول عبدِ اللّهِ بن قَيس الرُّقَيَّات في "فَعِيل": فَتَاتانِ أَمَّا مِنهُمَا فَشَبِيهَةٌ *** هِلالًا والأُخْرى مِنْهما تُشبِهُ البَدرا (قوله: أما منهما: أي واحدة منهما، وهو خبر لمبتدأ مجذوف). ومنه "عَلِيم وقَدِير ورَحِيم" من صِفاتِ اللّه. وكقَول زَيْدِ الخَيل في "فَعِل": أتَانِي أَنَّهم مَزِقُونَ عِرْضِي *** جِحَاشُ الكِرْمِلَيْن لها فَدِيدُ (عِرْض الرجل: جانِبُه الذي يَصُونهُ من حسَبَه ونَفْسِه ويُحامي عنه "الكِرْمِلَين" اسمُ مَاء في جَبَل طيء، والفديد: الصياح، المَعنى: أني لا أَعْبَأ بذلك ولا أُصْغِي إليه كما لا يُعْبأ بِصوت الجحاش عند الماء). ومِمَّا جَاء على "فَعِل" قوله كما في سيبويه: حَذِرٌ أُمُورًا لا تُخَافُ وآمِنٌ *** مَا لَيسَ مُنْجِيهِ من الأقدارِ -3 عَملُ تثنيتها جمعها: لا يَخْتَلِفُ تثنيةُ مُبَالَغَةِ اسمِ الفَاعِل وجَمْعِها في العمل عن المُفردِ إذا توفَّرتْ شُروطُ العَمل، فَمِنْ عَمَلِ الجمع قولُ طَرَفَةَ بنِ العبد: ثُمَّ زادُوا أنَّهم في قَوْمِهِم *** غُفُرٌ ذَنْبُهُمُ غيرُ فُخُر فـ "غُفُرٌ" جمع غَفُور، ومثلُه قول الكميت: شُمٍّ مَهَاوِينَ أَبْدَانَ الجَزُور مَخَا *** مَيصِ العَشِيَّاتِ لاخُورٍ ولا قَزَمِ فـ "مَهَاوينِ": جمع مِهْوانُ مُبَالغة في: "مَهين" و "مخَامِيص": جمع مِخْمَاص: وهُو الشديدُ الجُوع. وقد سَبَق قريبًا الاستِشهاد على الجَمع في قول زيد الخيل: "مَزِقُونَ عِرضي". -4 صِيَغ لِمُبَالَغَةِ الفَاعل قَليلة الاستعمال، وهي: (1) فَاعُول كـ "فارُوق". (2) فِعِّيل كـ "صِدّيق". (3) فَعَّالَة كـ "عَلاَّمَة" و "فهَّامة". (4) فُعَلَة كـ "ضُحكَة" و "ضجَعَة". (5) مِفْعِيل كـ "مِعْطِير" ولا تعملُ هذه عَمَلَ تلك. المُبْتَدأ:
-1 تعريفة: المُبْتَدَأ اسمٌ صَرِيحٌ، أو بِمَنزلتِهِ، مُجَرَّدٌ عَن العَوامِل اللَّفظيَّةِ، أو بِمَمزِلَتِه، مُخبَرٌ عنه، أو وَصْفٌ رَافِعٌ لِمُكْتَفٍ به. وتَعْرِيفُه عِند سيبويه: المُبْتدأ كُلُّ اسمٍ ابتُدِئ ليُبْنَى عليه كَلامٌ، فالابْتِداءُ لا يَكُونُ إلا بمَبْنِيٍّ عَليه وهو الخَبَر فالمبْتَدأ الأَوَّل، والمَبنِي عَليه ما بَعدَه فهو مُسْنَد، أي الخَبَر ومُسْنَدٌ وهُو المبتدأ. فالاسم الصَّريح نحو "اللّهُ رَبُّنا" والذي بمنْزِلَتِه نحو قَولِه تَعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم} (الآية "184" من سورة البقرة "2"). فَإن تَصُوموا في تأويل صَومكم، وخبره "خيرٌ لَكُم" (ومثله: المثل المسهور "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه" فتسمع مبتدأ وهو في تأويل: سماعُك وقبلَه أن مقدرة، والذي حسَّن حذف "أن" من تسمع ثبوتها في "أنْ تَرَاه" والفَرق بين هذا وقوله تعالى: {وأن تصوموا} أن السبك في المثل شاذّ، وفي الآية وأنثالها مطّرد، ومثله في التأويل بمصدر قوله تعالى: {سواءٌ عليهم أأنذرتهم أمْ لم تنْذرهم} فأنذرتهم مبتدأ وهو في تأويل "إنذارك" و "أم لم تنذرهم" معطوف عليه، و "سواء" خبر مقدم، والتقدير: إنذارك وعدمه سواء عليهم). والمجرَّد عن العوامل اللفظيّة كما مثلنا، والذي بِمَنزِلته قوله تعالى: {هَل مِن خَالِقٍ غَيرُ اللّهِ} (الآية "3" من سورة فاطر "35"). ونحو "بِحَسبكَ دِرهَمٌ" "فَخَالِق" في الآية و "بحسبك" مُبْتَدَآن، وإن كان ظَاهِرُهما مَجْرورًا بـ "مِن" و "الباء" الزَّائِدتَين، لأنَّ وجود الزَّائِدِ كلا وُجُودٍ ومِنْه عندَ سيبويه قولُه تعالى: {بأَيِّكُمْ المَفْتُون} (الآية "6" من سورة القلم "68"). "فأَيُّكُم" مُبْتَدأ والبَاءُ زَئِدةٌ فيه، و "المَفْتُون" خَبَرُه، والوصف (يتناول الوصف: اسم الفاعل نحو "أفَاهم هذان" واسم المَفْعول نحو "ما مأخوذٌ البَرِيئان" والصعة المشبهة نحو "أَحَسَنةٌ العَينان" واسمُ التفضيل نحو "هل أحْسَنُ في عين زيد الكحل منه في عين غيره" والمنسوب نحو: "أدمشقيُّ أبُوك" ويخرج بقوله: رافعٍ لمكتف به نحو: "أقائم أبواه علي" فالمرفوع بالوصف غير مكتف به وإعرابه: "علي" مبتدأ مؤخر و "قائم" خبره، و "أبواه" فاعله). الرافع لمكتف به نحو "أسَارٍ الرَّجُلان". ولا بُدَّ للوَصْفِ المَذْكُورِ مِن تَقَدُّمِ نفي أو استفهام نحو قوله: خَلِيليَّ مَا وَافٍ بِعَهْديَ أنْتُما *** إذا لَمْ تَكُونَا لي عَلَى مَن أُقاطِعُ وقوله: أقاطِنٌ قَوْمُ سَلْمى أمْ نَوَوْا ظَعَنا *** إن يَظْعَنُوا فَعَجِيبٌ عَيْشُ مَنْ قَطَنَا والكُوفيُّ لا يَلْتَزِمُ هذا الشَّرط محتجبًا بقولِ بعضِ الطّائيين: خَبِيرٌ بَنُو لِهْبٍ فَلاَتَكُ مُلْغِيًا *** مَقَالَةَ لِهْبِيٍّ إذَا الطَّرٌ مَرَّتِ (فعند الكوفي: "خبير" مبتدأ، و "بنو" فاعل أغنى عن الخبر، وعند البصري الذي يشترط أن يتقدم الوصف نفي أو استفهام: "خبير" خبر مقدم و "بنو" مبتدأ مؤخر، وإنما صح الإخبار بـ "خبير" مع كونه مفردًا عن الحمع وهو "بنو لهب": على حد قوله تعالى {والملائكة بعد ذلك ظهير} وبنو لهب هي من الأزد مشهورن بزَجر الطير وعِيَافَتِه) -2 أحْوالُ المبتدأ الوصفِ المُعْتَمِدِ على نفي أو اسْتِفهام: إذا رَفَعَ الوصفُ مَا تعدَه فَلَهُ ثلاثةُ أحوال: (أ) وُجُوبُ أن يكونَ الوصفُ مُبتدًا وذلكَ إذا لم يُطابق ما بَعده بالتثنيةِ والجمع نحو "أجَادٌّ أَخَواك أو إخوتك" فـ "جادٌّ" مُبتدأ، و "أخواك" فاعله سَدَّ مَسَدَّ خَبَره (وإنما تعين أن يكون الوصف مبتدأ هنا ولم يصح أن يكون خبرًا مقدمًا لأنه لا يخبر عن المثنى بالمفرد). (ب) وُجُوبُ أنْ يَكُونَ الوَصفُ خَبرًا وذَلكَ إذا طَابَقَ ما بَعْدَه تَثْنِية وجَمعًا نحو "أَنَاجِحَان أَخَواكَ؟" و "أمُتَعَلِّمُون" خَبَرانِ مُقَدَّمانِ، والمَرفُوعُ بعْدَهُما مُبْتَدأ مُؤخَّر (وإنما وجب أن يكون الوصف خبرًا مقدمًا ولم يجز أن يكون مُبْتَدأ والمرفوع فاعلًا سَدَّ مَسَدَّ الخبر لأن الوصف إذا رَفَعَ ظَاهرًا كان حكْمُه حكم الفعل في لُزُوم الإِفراد). (ج) جَوازُ الأمرين، وذلكَ إذا طابَقَ الوَصْفُ ما بَعْدَهُ إفرادًا فَقَط نحو "أحاذِقٌ أخُوكَ" و "أفاضِلَةٌ أُخْتُكَ" فيجوزُ أن يُجعلَ الوصفُ مُبْتَدًا ومَا بعدَهُ فاعِلًا سدَّ مَسَدَّ الخبرِ، ويجوزُ أن يجعَل الوصفُ خبرًا مُقَدمًا، والمرفوعُ بعدَهُ مُبْتدأ مُؤخَّرًا. -3 الرافعُ للمبتدأ: يَرْتفعُ المُبتدأ بالابْتِدَاء، وهو التَّجَرُّدُ عَنِ العَوامِل اللَّفظِيَّة للإسْنَاد، والخَبَرُ يَرْتَفِعُ بالمُبتَدأ (وعند الكوفيين: يرفع كل منهما الآخر). -4 مُسَوِّغَاتُ الابتِداءِ بالنّكِرَة: الأَصلُ في المُبتَدأ أن يكونَ مَعْرفِةً، ولا يَكونَ نَكِرةً إلا إذا حَصَلَت بها فَائِدةٌ، وتَحصَلُ الفائدَةُ بأحدِ أُمُور يُسَمّونها المُسَوِّغَاتِ، وقد أَنْها بَعْضُ النُّحاةِ إلى نَيِّف وثَلاثينَ مُسَوِّغًا وتَرجعُ كلُّها إلى "العُمُومِ والخُصُوص" نَذْكُر هُنا مُعظَمَها: (1) أن يَتَقَدَّمَ الخَبرُ على النَّكرة وهو ظَرفٌ أو جَارٌّ ومَجرُور نحو "في الدَّارِ رَجُلٌ" و "عنْدَكَ كِتَابٌ". (2) أن يَتَقدَّم على النَّكِرة استِفْهامٌ نحو "هَل شُجَاعٌ فِيكُم" ونحو: {أَإِلهٌ مع اللَّهِ} (الآية "60 64" من سورة النمل "27"). (3) أَن يَتَقدَّم عَليها نَفيٌ نحو "مَا خِلٌّ لَنا". (4) أن تُوصَفَ نحو "رَجُلٌ عَالمٌ زَارَنَا" ونحو {وَلَعَبْدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِنْ مُشْرِك} (الآية "221" من سورة البقرة "2"). وقد تُحذَفُ الصِّفة وتُقَدَّر نحو {وَطَائِفَةٌ قَد أَهَمَّتهُمْ أَنْفُسُهُم} أي طائفةٌ من غَيْرِكُم بدليل: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} (الآية "154" من سورة آل عمران "3"). (5) أن تكونَ النكرةُ عاملة نحو "رَغْبةٌ في الخيرِ خَيرٌ". (6) أن تكونَ مُضافَةً نحو "عملُ بِررٍّ يَزينُ صَاحِبَه". (7) أن تكونَ شَرْطًا نحو "مَن يَسعَ في المعروف يُحبَّهُ النَّاسُ". (8) أن تَكونَ جَوابًا نحو أن يُقال: "مَن عِندَكَ؟" فَتقول: "رَجُلٌ" التَّقدير: عِندي رَجُلٌ. (9) أن تكونَ عَامّةً نحو "كُلٌّ يموتُ". (10) أن يُقْصَدَ بها التَّنويع أو التَّقسيم كقولِ امرِئ القَيس: فَأقْبَلْتُ زَحفًا على الرُّكْبَتينِ *** فَثوبٌ نسيتُ وثَوبٌ أجُرّ (11)أن تكونَ دُعَاءً نحو: {سَلامٌ على آل يَاسِينَ} (الآية "130" من سورة الصافات "37"). أو نحو "{وَيْلٌ للمُطَفِّفِين} (الآية "1" من سورة المطففين "83"). (12) أن يَكونَ فيها مَعنى التَّعَجُبِ نحو "مَا أَحْكَمَ الشَّرعَ" أو نحو "عَجَبٌ لِزَيد". (13) أن تكونَ خَلَفًا عن موصوفٍ نحو "مُتَعَلِّمٌ خَيرٌ مِنْ جَاهِل" وأصْلُها: رجُلٌ متعلمٌ (14) أن تكون مُصَغَّرَةً نحو "رُجَيلٌ في دَارِكَ" لأنَّ في التَّصغير معنى الوَصف فكأَنَّكَ قلتَ: رَجُلٌ ضَئيلٌ أو حَقيرٌ في داركَ. (15) أن يَقعَ قَبْلَهَا وَاوُ الحال (المُعَوَّل على وُقُوعها في بَدء الحال، وإن لم يكن بواو كقول الشاعر: تَرَكتُ ضأني تَوَدُّ الذئب رَاعيها *** وأنها لا تَراني آخر الأَبد الذئب يَطرُقها في الدهر واحدة *** وكل يوم تراني مُدْيَةٌ بيدي فـ "مدية" مُبتدأ سوَّغه كونُه بَدء جُملةٍ حاليَّةٍ من يَاءِ تَراني، ولم تَرْتَبِط بالوَاو، بل ارْتَبَطت بالياء من يدي). كقول الشاعر: سَرَيْنا ونجمٌ قَد أَضاء فمذُ بَدَا *** مُحيَّاكَ أخْفَى ضَوؤُه كلّ شَارِق (16) أن تكُونَ مَعطُوفةً على معرفةٍ نحو "عمرُ ورَجُلٌ يَتَحَاوَرَان". (17) أن يُعطَفَ عَلَيهَا مَوصوفٌ نحو" رَجُلٌ وامْرَأةٌ عَجوزٌ في الدَّارِ". (18) أن تكونَ مُبهَمَةً أي قُصِدَ إلى إبهامِها كقولِ امرئ القيسِ: مُرَسَّعَةٌ بَيْنَ أرْساغِهِ *** بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغي أرنَبًَا (مُرَسَّعة: على زِنَةِ اسمِ المفعول: تَمِيمة تعلق مَخَافَة العطب على الرسغ، والقسم: يُبْس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد، وإنما طلب الأَرنب لزعمهم أن الجِن تجتنبها لحيضها فمن علَّق كعبها لم يصبه ولا سحر والشاهد في "مُرَسَّعة" حيث قصد إبهامها تحقيرًا للموصوف حيث يحتمي بأدنى تميمةٍ و "بين أَرْساغه" خبرها، ورواية اللسان: بفتح التاء مُرسَّعةً). (19) أن تَقَعَ بَعْدَ لَولا كَقولِ الشّاعر: لَولا اصطِبَارٌ لأودَى كُلُّ ذي مِقَةٍ *** لمَّا استقَلَّت مَطَايَاهُنَّ للظَّعَنِ (أودى: هلك، المِقة: كعِدة من ومَقَه يمقه كوعده يعده إذا أحبَّه، استقلت: مضت، الظعن: السير، الشاهد فيه: "اصطبار" فهي مبتدأ، وسوغها للأبتداء وهي نكرة وقوعها بعد لولا، وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا تقديره موجود). وهُنَاكَ مُسَوِّغَاتٌ أُخرى تَرجعُ إلى ما ذُكر. -5 حَذفُ المبتدأ: قَد يَحذفُ المبتدأ إذا دَلَّ عليهِ دَليلٌ جَوازًا أو وُجُوبًا. فيجوزُ حذف ما عُلِمَ من مُبتدأ نحو: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًَا فَلِنَفْسِهِ} (يزداد على ذلك ما بعد "لاسيما" نحو "ولاسيما يوم" أي هو يوم). التقدير: فَعَملُه لنفسِه، ويَسْألُ سائلٌ: كيفَ زَيْدٌ؟ فتقول: مُعَافىً، التَّقْدير: فَهُو مُعُافىً، وإن شِئتَ صَرَّحتَ بالمبتدأ. وأما حذف المُبتدأ وجُوبًا ففي أَربعة مَواضِع: (أ) أن يُخبَرَ عَنِ المبتدأ بمَخصُوص "نِعْمَ" (وما في معناها من إفادة المدح). و "بئسَ" (وما في معناها من إفادة الذم). مؤخر عنها نحو: "نِعْمَ العبدُ صُهَيب" و "بئسَ الصاحبُ عمرو" إذا قُدّرا خَبَرين لِمُبتَدأين مَحذُوفين (أما قُدِّرا مبدأين وخبرهما الجملة قبلهما فليسا من هذا الباب وهذا أولى). وجوبًا، كأنَّ سَامِعًا سَمِعَ "نِعْمَ العَبدُ" أو "بئسَ الصَّاحبُ" فسألَ عن المَخصُوصِ بالمدح أو المَخصُوصِ بالذَّمِّ مَن هو؟ فقيلَ له: هو صُهَيب، أو عمرو. (ب) أن يخبرَ عن المبتدأ بنعت مقطوع لِمُجرَّدِ (واحترز بقوله لمجرَّد مدح الخ من أ، يكون النعتُ للإيضاح أو التخصيص فإنه إذا قُطِع إلى الرفع جاز ذكر المبتدأ وحذفه وأما هنا فواجب حذف المبتدأ). المَدعِ نحو "الحمدُ للَّهِ الحَمِيدُ". أو ذَمّ نحو "أفوذ باللَّهِ من إبليسَ عَدُوُّ المؤمنينَ" أوتَرَحُّم نحو "مَرَرْتُ بعَبدِكَ المِسْكِينُ" (برفع الحميدُ بالمثال الأول، والعدوّ بالمثال الثاني، والمسكين بالمثال الثالث، على أنها أخبار لمبتدأات محذوفة وجوبًا، والتقدير: هُو الحميدُ، وهو عدوُّ المؤمنين، هو المسكينُ، وإنما وجب حذفه لأنهم قصدوا نشاء المَدح أو الذمّ أو الترحم). (جـ) أن يُخبرَ عَنِ المُبتَدَأ بمَصجرٍ نَائِبٍ عن فعله (أصل هذه المصادر النصب بفعل محذوف وجوبًا لأنها من المصادر التي جيء بها بدلًا من اللفظ بأفعالها، ولكنهم قصدوا الثبوت والدوام فَرفعُوها وجعلُوها أخبارًا عن مبتدآت محذوفة وجوبًا حَملًا للرَّفْع على النصب). نحو "سَمعٌ وطَاعَةٌ" وقول الشاعر: فَقالتْ: حَنانٌ مَا أَتى بكَ هَهُنا؟ *** أذُو نَسَبٍ أم أنتَ بالحي عارِفُ (فاعل قالت يعودُ على المرأة المعهودة، والمعنى أني أحِن عليك، أيُّ شيءٍ جاءَ بكَ هَهنا؟ ألك قَرَابة أم مَعرِفة بالحيّ؟ وإنما قالت له ذلك خَوفًا مِن إنكار أهل الحيّ عليه فيقْتلونه). فـ "سمعٌ" و "حنَانٌ" خَبَران لِمُبتَدأين مَحذوفَين وجوبًا، والتَّقدير: أَمري سَمْعٌ وَطَاعَة، وأَمري حَنَانٌ. (د) أن يُخبرَ عن المبتدأ بما يُشعِرُ بالقَسَم نحو "في ذِمَّتي لأُقَاتِلَنَّ" و "في عُنُقي لأَذهَبَنَّ" أي في ذِمَّتي عَهْدٌ، وفي عُنُقي مِيثاقٌ. -6 وُجُوب تَقديم المبتدأ، أو تَخيره: (= الخبر 13 و 14). المبني: (= البِناء 1 و 2). المَبْنِيَّات: (= البِناء 2). المَبني للمَجهول:
(= نائب الفاعل). المَبْني للمَعْلُوم: يَنْقَسِمُ الفِعلُ إلى مَبنيّ للمعلومِ وهو مَا ذُكِرَ مَعَهُ فَاعِلهُ كـ "قَرَأ خَالدٌ الكِتَابَ" و "يأتي عَلِيُّ"، وَمَبنيٌّ للْمَجْهُول. (= نائب الفاعل). المَبْني من الأسماء:
(= البِناء 2 جـ). مَتى: لَهَا أَربَعَةُ أَحْوال: (1) اسمُ اسْتِفهَام، يُستَفهَمُ بِهَا عن الزَّمَانِ نحو: {مَتى نَصرُ اللَّهِ} (الآية "214" من سورة البقرة "2"). (2) مِنْ أَدوات المُجَازَاة، ولا تَقَعُ إلاّ لِلزَّمَان. (=جوازم المضارع 3). نحو قول سُحَيم بن وُثيلَ: أنا ابنُ جَلاَ وَطَلاَّعُ الثَّنايَا *** مَتى أضَعِ العِمامَةَ تعرفُوني (3) حرفُ جرٍّ في لُغَة خُذَيل، وهي بمعنى "مِن" الابتدائية، سُمِع من كلامِهم "أخْرَجَهَا مَتى كمِّه" أي مِن كمِّه، وقال أبو ذُؤَيْب الهذلي يَصِف سَحَابًا: شَرِبنَ بماءِ اللَحرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ *** مَتى لُجَجٍ خُضْرٍ لهُنَّ نَئِيجُ (النون في "شَرِبنَ" تعود إلى السُّحُب، وضَمَّن "شَرِبْنَ" مَعْنى رَوِين فَعَدَّاه بالباء "مَتى لجج" المعنى مِنْ لجج أو وَسَط لَجَج، وهي بَيان لماءِ البَحْر وجملةُ "لَهُن نئيج" صِفَةُ لجج، ومعنى نَئِيج: مَرٌّ سَرِيع مع صَوت، يَصف سُحُبًا شرِبنَ مَاءَ البَحر، ثم تَصعَّدنَ فأمطَرن ورَوَّيْن). والصَّحيح أنَّ "مَتَى" هذه بمعنى "وسْط" فمعنى "وَضَعبه مَتَى كمي" أي في وَسْط كمي، وعلى هذا نُخَرِّج قولَ أبي ذُؤَيْب: مَتى لُجَجٍ خُضْر. وقال ابنُ سيدَه: بمعنى "في" وقال غيره: بمعنى وسط. المُتَصَرِّف:
-1 تعريقه: هو ما لا يُلازِمُ صُورةً واحدةً. -2 نوعاه: المتصرف نَوعان: (1) تامُّ التصرفِ، وهُو الذِي تأتي منه الأَفْعال الثَّلاثةُ، وهذا كثيرٌ لا يُحْصَرُ نحو "حَفِظَ وانْطَلَقَ وَلَحِق". (2) ناقِصُ التَّصرُّفِ وهُوَ مَا لَيْسَ كذلك، ومنه: أفعالُ الاستِمرار، وهي "مَا زَالَ وأَخَواتها" و "كادَ وأَوشَكَ" و "كلِمَتَا يَدَع ويَذر" قرئ في الشواذ "ما ودعك ربك" ماضي يدع ومنه قول أنيس بن زنيم في عبيد اللّه بن زياد: سل أميري ما الذي غيَّره *** عن وصالي اليوم حتى ودعَهْ لأنَّ ماضيَهما قَد تُركَ وأُمِيتَ. المُتَعَدِّي:
-1 تعريفُه: هو الذي يَتَعدَّاه فِعْلُهُ إلى مَف}عُول أو أكثر، وذلِك قَولُك: "ضرب عبدُ اللَّهِ زَيْدًا". -2 عَلاَمَتاه: للمُتَعَدِّي عَلاَمَتَان: (الأولى) أن يَتَّصلَ به ضميرٌ يَعُودُ على غَيرِ المصدر (وإنما قال: يَعُودُ على المَصدر، لأن ضَمِيرَ المصدر يَتَّصِلُ بكُلِّ من اللاَّزِم والمُتَعَدِّي فيقال "الفَهْم فَهمَه علي" و "الجُلوس جَلَسَه بكر"). كـ: "فَهِمَ" فتقول "الدَّرسَ فهمتُه". (الثانية) أن يُبنَى مِنه اسْمُ مَف}عُولٍ تَامّ، أي غَيرُ مُقْتَرنٍ بظَرفٍ أو حَرْفٍ جَرٍّ كـ "قُتِل" و "نصِرَ" إذ يقال: "مَقْتُولٌ" و "منْصُورٌ". -3 حكم المُتَعَدِّي: حكمُهُ أنَّه يَنْصِبُ المَفعُولَ به واجِدًا أو أكثر. -4 الأُمُور التي يَتَعَدَّى بها الفِعلُ القَاصِر (اللازم) وهي سبعة: (أحدُها) هَمزةُ "أفعَل" نحو {أَذْهَبْتُم طَيِّباتِكُم} (الآية "20" من سورة الأحقاف"46")، {واللَّهُ أَنْبَتَكُم مِنَ الأرض نَبَاتًا} (الآية "17" من سورة نوح"71"). فَذَهب ونَبَت فِعلاَن لازِمان تَعَدَّيا إلى مَفْعولٍ واحِدٍ بالهمزة وقد يُنقل المُتَعدِّي إلى واحدٍ بهمزة التَّعْدِيَة إلى اثنين نحو: "ألْبستُ محمدًا قميصًا" وأصلها: لَبِسَ محمد قَميصَه، فبالهمزة تَعدَّى لاثنين. (الثاني) ألِف المُفَاعَلَة تقول: "جَالَستُ القَاضِيَ" و "ماشَيْتُه". (الثالث) وزن "فَعَلْتُ" أفعلُ بالضم لإِفادةِ الغَلَبة تقول: "كَثَرْتُ أعدائي" أي غَلَبتُهم بالكَثرة، و "كرَمْتُ عَمرًا" غَلَبتُه بالكَرَم. (الرابع) صَوغُه على "استَفْعل" للطَّلب، أو النِّسبَة إلى الشيء نحو "استَغْفَرتُ اللَّهَ". و "استَحسنتُ المَعْروفَ" و "استَقبَحتُ الظُّلمَ" وقد تُنْقل هذه الصِيغَة مِن المَفعول الوَاحد إلى مَفعُولين نحو "اسْتَكْتبْتُه الكِتابَ" أي طَلبتُ منه كِتابَةَ الكِتَابِ. (الخامس) تَضْعِيف العين، تقول في "فَرِحَ الطفلُ": "فَرَّحْتُ الطِّفلَ" ومنه: {قَد أفلَح مَنْ زَكَّاهَا} (الآية "9" من سورة الشمس "91")، {هُو الذِي يُسَيِّركُم} (الآية "22" من سورة يونس "10"). (السادس) التَّضمِين (= التَّضمين) فلذلك عُدِّيَ "رَحُب"لتضمُّنِه مَعنى وَسِعَ، ومن التضمين قولُه تعالى: {إلاَّ مَنْسَفِه نَفْسَه} (الآية "130" من سورة البقرة "2")، لِتَضَمُّنِهَا معنى أَهْلَكَ وأمْتَهَنَ ويَخْتصُّ التَّضْمِينُ عن غَيرِه من المُتَعَدِّيَات بأَنَّه قَد يَنْقُل الفِعلَ إلى أكثر من دَرَجَةٍ، ولذَلك عُدِّي "ألَوتُ" بمعنى قَصَّرت إلى مفعولين بعد أن كان قاصرًا، وذلك في قولهم "لا آلُوكَ نُصحًا" ومنه قوله تعالى: {لا يَأْلُونَكُم خَبالًا} (الآية "118" من سورة آل عمران "3"). (السابع) إسقَاطُ الجَارِّ تَوسُّعًا نحو: {ولكنْ لا تُواعِدُوهنَّ سِرًّا} (الآية "235"من سورة البقرة "2")، أي على سر أي نِكاح ونحو {أَعَجِلْتُم أمْرَ رَبِّكم} (الآية "150" من سورة الأعراف "7"). أي عن أمره. -5 أقسامه: المُتَعَدِّي أربَعَةُ أقسام: (1) المُتَعَدِّي إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ، وهو كَثِير، كـ "كتب عامِرٌ الدرسَ"، و "فهم المسألةَ خَالدٌ". (2) المتعدي إلى مَفعولين أصلُهُما المبتدأ والخبر، ولا يُقتصَر في هذا البابِ على أحَدِ المفعولَيْن، يقول سيبويه: وإنَّما مَنعَكَ أن تَقتَصِرَ على أَحَدِ المَفْعُولَين هَهُنا أنَّك أردتَ أن تُبَيِّن ما استَقَرَّ عندَك من حالِ المَفعُولِ الأول، وفائِدةُ هذه الأفعَالِ ظَنُّ، أو يَقِنٌ، أو كِلاهما، أو تَحويل، فهذه أربعة أنواع: نوعٌ مُختَصٌّ بالظن، ونوعٌ مُختَصٌّ باليقين، ونوعٌ صالِحٌ للظن واليقين، ونَوعٌ للتَّحويل. فَلِلأَوَّل وهو الظن: "حَجَا يَحجُو" و "عدَّ" لا لِلحِسبان و "زعَم" و "جعَل" و "هب" بصِيغَةِ الأمر للمُخَاطَبِ غَير مُتصرِّف. وللثاني وهو اليقين: "عَلِم" لا لِعُلْمَةٍ، وهي شَقُّ الشَّفَةِ العُليا، و "وجَدَ" و "ألفى" و "درَى" و "تعَلَّم" بمعنى أعْلم. وللثالث وهو الظَّن واليَقين: "ظنَّ" و "حسِب" و "خالَ" و "وهَبَ" و "ردَّ" و "ترَك" و "تخَذ" و "اتَّخَذ". (= في أبوابها). وتنصب هذه الأفعال هي وما يتَصَرَّف منها (إلا: هَبْ وتَعلَّمْ فإنَّهَما لا يَتَصَرَّفَان) تَنْصِبُ مَفْعُولَين أصْلُهُما المُبتَدأ والخَبَر. -6 الإلْغَاءُ والتَّعْلِيق: يَعتَرِي هذِه الأفعالَ التي تَتَعدَّى إلى مَفعُولَين أصلُهُما المُبتدأ والخَبَر أمران: أوَّلهُما: الإلغَاءُ، والثاني: التَّعليق. فالإلغَاءُ إبْطَالُ تَعَدِّيهما إلى مَفعُولَين لَفْظًا وَمَحَلًا، إمَّا بِتَدُّم العَامِل، أو بتَوَسُّطه، أو بِتأخُّره. فالأوَّل نحو: "ظَننتُ زَيْدًا قائمًا" ويمتنعُ الرفع عند البصريين، ويَقْبح، ويجب عندهم نَصبُ الجُزْأين: "زَيْدٍ وقائمٍ وهو الصحيح، ويَجُوزُ عند الكُوفيين والأخفش ولكنَّ الإعمالَ عندهم أحسنُ أمَّا قولُ بعضِ بني فَزَارة: كذاكَ أُدِّبْتُ حَتى صَارَ من خُلُقِي *** إني وَجَدْتُ مِلاَكُ الشيمةِ الأدبُ فالرِّواية الصّحيحة نَصبُ مِلاك والأدَب كما فِي الحماسة. والثاني: ويجوزُ بلا قبح ولا ضَعفٍ في توسُّطِ العاملِ نحو "زيدًا ظَنَنْتُ قائمًا" والإعْمال أقوى، ومن تَوَسُّطِ العَامِلِ قَوْلُ اللَّعِين المِنْقري أبُو الأُكَيْدِر يَهْجُو العَجَّاج: أبا الأَرَاجِيز يا بنَ اللَّؤْم تُوعِدُني *** وفي الأَراجِيز خِلتُ اللُؤمُ والخَوَرُ والاصل: اللؤمَ الخَورا، والمفعول الثاني متعلَّق وفي الأَراجيز ومثله في تأخيرِ العَاملِ تقول: "عَمْرٌو آتٍ ظَنَنْتُ "يَجُوز الإلْغَاءُ، والإعمَال، ولكنَّ الإلغَاءَ هُنا أَقْوى من إعْمَالِه، لأَنَّه كما يقول سيبويه إنما يَجيئُ بالشَّك، بعد ما يَمضي كلامُه على اليَقِين ومن التأخير قول أبي أسَيْدة الدُّبَيري: هُما سَيِّدَانا يَزْعُمان وإِنَّما *** يَسودَانِنَا إن أيْسَرَتْ غَنَماهُما أما الثاني وهو التَّعليق: فإنَّه إبطالُ العَمَلِ لَفظًا لا مَحَلًا لِمَجيء مَالَهَ صَدرُ الكلامِ، وذلكَ في عِدَّة أشياء: (1) "لامُ الابتداء" نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ مَا لَهُ في الآخِرةِ مِنْ خَلاق} (الآية "102" من سورة البقرة "2") فالجُمْلةُ مِنْ لَمَن اشْتراهُ سَدَّت مَسَدَّ مَفْعُولي عَلِمُوا. (2) "لام القسم" كقول لبيد: ولقد عَلِمتُ لَتأتِيَنَّ مَنِيَّتي *** إنَّ المَنَايَا لا تَطِيشُ سِهامُها (3) "ما" النَّافية، نحو {لَقَدْ عَلِمتَ مَا هَؤلاءِ يَنْطِقُون} (الآية "65" من سورة الأنبياء "21"). (4 و 5) لاَ النَّافية و "أنْ" النافية الواقِعَتَان في جَوابِ قَسَم مَلفُوظٍ به أو مُقَدَّر، نحو "عَلِمتُ واللَّهِ لا عَمرٌو في البَلَدِ ولا خَالِدٌ" ومثال إن النافية "وَلَقَدْ عَلِمتُ إن عَامِرٌ إلاَّ مُثابرٌ ومُجدٌّ". (6) الاستِفهامُ ولَه حَالَتَان: (إحْداهُما) أن يَعتَرِض حَرْفُ الاستِفهَام بَينَ العَامِل والجُملَة نحو: {وإن أدري أَقَرِيبٌ أم بَعيدٌ مَا تُوعَدُون} (الآية "109" من سورة الأنبياء "21"). (الثانية) أن يكونَ في الجُملةِ اسمُ استِفهامٍ عُمْدة كأيّ نحو: {لِنَعلَمَ أيُّ الحِزبَينَ أَحصَى} (الآية "12" من سورة الكهف "18") أو فَضلةً، نحو: {سَيَعلمُ الذينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلبٍ يَنْقَلِبُون} فأيَّ هنا مَفعُول مُطلَق ليَنقَلِبُون، والجُملةُ بعد المُعَلَّق سادَّةٌ مَسَدَّ المَفعولينِ، إن كان يَتَعَدَّى إليهما، ولم يَنصِبِ الأوَّل، فإن نصَبَه سَدَّت الجُملةُ مَسَدَّ الثاني نحو "عَلِمتُ خالدًا أبو مَن هو"، وإن لم يَتَعَدَّ إليهما فإن كانَ يَتَعَدَّى بحَرفِ الجَرِّ فَهِي في مَوضِعِ نَصْبٍ بإسقاط الجَارِّ، نحو: "فَكَّرتُ أَهَذا صَحِيحٌ أم لا" وإن كان يَتَعَدَّى إلى واحِدٍ سَدَّت مَسَدَّهُ نحو "عرفتُ أيُّهم محمد". -7 تَصاريفُ هذه الأفعال في الإعمال والإلغاء والتعليق: لِتَصَاريفُ هذه الأَفعال مَا لِلأَفعال نَفسِها من الإعمال والإلغاءِ والتَّعلِيق تقول في الإِعمَال للمُضارِع مَثَلًا ولاسم الفاعل: "أظانٌّ أَخُوكَ أبَاه مُسافِرًا" وتقول في الإلغاء للمضارع "جُهْدُكَ أظانٌّ مُثمِرٌ"، ومعَ اسمِ الفَاعِل في الإلغاء "خالِدٌ أَنَا ظانُّ مُسافِرٌ" وهكذا في الجَمِيع، ويُستثنَى: هَبْ وتَعَلَّمْ فإنَّهما لا يتصرفان، وكذلك المصدرُ قد يُلْغَى كما يُلغَى الفعل، وذلك قولك "مَتَى زيدٌ ظَنُّكَ ذَاهِبٌ" و "زيد ظني أخوك" و "ظني زَيدٌ ذاهبٌ" كان قبيحًا، لا يجوز البتة كما تقدَّم، وضُعِّفَ: "أظَنُّ زَيْدٌ ذاهِبٌ". -8 حَذفُ المَفْعُولَين لِدَليل: يَجوزُ بالإجماعِ جَذفُ المَفعُولين لأَفعالِ القُلوب، أو أحَدِهما اختِصارًا ولِدَليل يَدلُّ عَليها فمنَ الأَوَّل قولُه تَعالى: {أينَ شُركَائِي الذينَ كُنْتُمْ تَزعُمُون} وقال الكُميت يَمدح أهل البيت: بأيِّ كِتابٍ أم بأيَّةٍ سُنَّةٍ *** تَرَى حُبَّهُم عَارًا عليَّ وتَحسَبُ فتقديره في الآية: تَزعمُونهم شُركاء، وفي البيت: تَحسَبهُم عَارًا عليَّ. ومن الثاني قولُ عَنْتَرة: وَلَقَد نَزلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيرَه *** مني بمنزلة المَحَبِّ المكرَمِ التَّقدير: فلا تَظُنِّي غيرَه وَاقِعًا مِني، أما حَذْفُها اخْتِصَارًا لِغَيرِ دَليلٍ فَيَجُوزُ عِند الأَكثَرين، كَقَوْلِه تَعالى: {واللَّهُ يَعْلَم وأَنْتم لا تَعْلَمون} وتَقديرُه: يَعْلَمُ الأشياء كَائِنةً، وقولُه تعالى: {أعِنده عِلْمُ الغَيبِ فَهوَ يَرَى} (الآية "35" من سورة النجم "53") أي يَعلم، وتقديرُه: يَرَى مَا نَعْتَقِدُه حَقًّا. وقوله تعالى: {وَظَنَنْتُم ظَنَّ السُّوءِ} (الآية "12" من سورة الفتح "48")، وقولهم في المثل: "مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ" أي من يَسمع خَيرًا يظنُّ مَسْمُعَه صادِقًا. ويمْتَنِع حَذْفُ أَحَدِهما اقْتِصَارًا لغَير دَليلٍ بالإجْماع. (3) مَا ينصبُ مَفعُولَين ليسَ أصْلَهما المُبتدأ والخَبَر وهي: "أعْطَى" نحو "أعْطَى عبدُ اللَّهِ زيدًا دِرْهَمًا" و "كسَا" نحو "كَسُوتُ بِشْرًا الثيابَ الجِيادَ" و "منَح" نحو "مَنَحتُ خَالِدًا كِتَابًا" و "ألْبَسْتُ أحمدَ قَمِيصًا" و "اختَرتُ الرِّجالَ مُحَمَّدًا" و "سمَّيتُه عَمرًا" وكَنَّيتُ "عُمَرَ أَبا حَفصٍ" و "دعوتُه زَيدًا" التي بمَعنى سَمَّيتُه، و "أمَرْتُكَ الخَيرَ" و "أستَغفِرُ اللَّهَ ذَنبًا" وهذا وأمثاله يَجوزُ فيه الاقتِصار على المَفعُول الأول. ويَقول سيبويه في هذا الباب: الذي يَتَعَدَّاه فِعلُه إلى مَفعولَين، فإن شِئتَ اقْتَصرتَ على المَفعول الأوَّل، وإن شئتَ تَعَدَّى إلى الثاني، كَمَا تَعَدَّى إلى الأوَّل. وذلك قولُك: "أعطَى عبدُ اللَّه زيدًا دِرهمًا" و "كسَوتُ بِشرًا الثِّيابَ الجيَادَ" ومِن ذلك "اختَرتُ الرِّجالَ عبدَ اللّه" ومثل ذلك قولُه تعالى: {واختَارَ مُوسَى قَومَه سَبعين رجلًا} (الآية "155" من سورة الأعراف "7")، وسَمَّيتُه زيدًا، وكَنَّيتُ زيدًا أبَا عبد اللّه، ودَعَوتُه زيدًا إذا أَرَدتَ دَعوتَه التي تَجري مَجرَى سَمَّيتُه، وإن عَنَيْتَ الدُّعاءَ إلى أمرٍ يُجَاوز مَفعُولًا واحدًا، ومِنه قولُ الشاعر: أستَغفِرُ اللَّهَ ذَنْبًا لَستُ مُحصِيَهُ *** رَبَّ العِبادِ إلَيه الوَجْهُ والعَمَلُ وقال عمرو بن مَعد يكرِب الزُّبيدي: أَمرْتُكَ الخَيرَ فافعَل ما أُمِرْتَ به *** فَقَد تركتُكَ ذَا مَالٍ وَذَا نَشَبِ وإنما فُصِل هَذا أنَّها أَفْعَالٌ تُوصَلُ بِحُروفِ الإِضَافَةِ فَتَقُول: اختَرتُ فُلانًا مِنَ الرِّجال وسَمَّيتُه بِفلان، كما تقول: عَرَّفْتُه بهذهِ العَلامة، وأوْضَحتَه بِها، وأسْتَغفِرُ اللّهَ من ذلِكَ، فلمَّا حَذَفُوا حرفَ الجرَّ عَمِل الفعلُ، ومِثلُ ذلك قولُ المُتَلَمِّس: آلَيتُ حَبَّ العِراقِ الدهرَ أطعَمُهُ *** والحَبُّ يأكله في القَريةِ السُّوس يريد على حبِّ العراق إلخ. (4) المُتَعَدِّي إلى ثَلاثة مَفاعيل: وهو "أعْلَم" و "أرى" وقَد أُجمِعَ عليهما، وزاد سيبويه: "نَبَّأَ" و "أنْبَأَ" وزادَ الفَرَّاءُ في مَعَانِيه "خَبَّر وأَخْبَر" وزَادَ الكوفيون: حَدَّث (= في حروفها). وللمُتَعدِّي إلى ثَلاثَةِ مَفاعيل حَالَتان: الأُولى: يَجُوزُ حَذْفُ المَفْعُولِ الأَوَّل نحو "أَعْلَمْتُ كِتَابَكَ قَيِّمًا" أي أَعْلَمتهُ، كما يجوزُ أن يُقْتَصر عليه، ويُمْنَع حَذْفُ المَفْعُول لِغَيرِ دَليلٍ. الثَّانِية: يَجُوزُ فيه الإِلْغَاءُ والتَّعليقُ كما يَجُوزُ للمُتَعدِّي إلى مَفْعُولَيْن فالإِلْغَاءُ: أنْ تُلْغِيَ مَفَاعِيلَه، كأنْ يَقَعَ بينَ مُبْتدأ وخَبَر، وذلك كقولِ بعضِهم "البركةُ - أعلَمَنَا اللَّهُ - مَعَ الأَكَابِر"، وقولِ الشاعر: وأَنْتَ - أَرَاني الله - أَمْنعُ عَاصمٍ *** وأرْأفُ مُسْتَكْفٍ وأسْمَحُ واهِبِ ألْغَى ثَلاثَة مَفَاعِيل بـ "أَعْلَمَنَا" و "أراني الله" في البيت. والتَّعْليق: أنْ تُقَدِّر المَفاعيل لِعَدَمِ إمْكانِ ظُهورِها نحو قوله تعالى: {يُنَبِّئُكُم إذا مُزِّقْتُم كلَّ مُمَزَّقٍ إنَّكم لَفِي خَلْقٍ جَديد} وقول الشاعر: حَذَارِ فقد نُبِّئتَ إنَّك لَلَّذِي *** سَتُجزَى بمَا تَسْعَى فَتَسْعَدُ أو تَشْقَى فَجُملةُ إنَّكم لَفِي خَلْقٍ في الآية سَدَّتْ مَسَدّ مَفْعُولي يُنبئكم، والمَفْعول الأَوَّل الكافُ والمِيم من يُنَبِّئكم، وكذلك في البيت: فَنَائبُ الفَاعِل في نُبِّئ مَفْعولٌ أَوَّل، وجُمْلةُ إنَّك لَلَّذِي: سَدَّت مَسَدَّ مَفْعولي نُبِّئْت. -9 وهُنَاكَ أَلْفَاظٌ عَكْسُ ذلك وتكونُ بإدْخالِ الهَمْزةِ لاَزِمَةً، وبدُونها مُتعدِّية. مِنْ ذلك قَولُهُم: "أَقْشَع الغَيمُ" و "قشَعَتِ الرِّيحُ الغَيْمَ" و "أنْزَفَتِ البِئْرُ" و "نزَفَهَا القَوْمُ" و "انْسَلَّ رِيشُ الطَائِرِ" و "نسَلتُه أنا" و "أكَبَّ فُلانٌ على وَجْهِه" و "كبَبْتُهُ أنا". المِثَالُ مِنَ الأفعالِ:
-1 تَعْرِيفه: هُوَ مَا كانتْ فَاؤه حَرْفَ عِلَّةٍ نحو: "وَعَدَ ويَسر". -2 حُكْمُه: المِثَالُ الوَاوِيُّ تُحذَفُ فَاؤهُ في المُضَارِعِ والأَمْر إذا كانَ مَكْسُورَ العَيْنِ في المضارِعِ نحو: وَعَدَ "يَعِدُ" ووَزَنَ "يَزِنُ". وإذا كَانَ مَضْمُومَ العَيْنِ في المُضَارِع أو مَفْتُوحَها فلا يُحْذَفُ مِنْهُ شَيءٌ، مِثَالُ مَضْمُومِ العَينِ في المضارع نحو "وجُهَ يَوْجُهُ" و "وضُؤَ يَوْضُؤُ" و "وبَلَ يَوبُل" (وَبَلَ المَكَان: ثَقُل) ومِثَالُ مَفْتُوحِ العَيْن "وَجِلَ يَوْجَل" و "ولِعَ يَوْلَع". أمَّا مَصْدَرُ الوَاوِي فَيجُوزُ فِيه الحَذْفُ وعَدَمُه فَنَقُول: "وعَد يَعِدُ عِدَةً ووَعدًا" و "وزَنَ يَزِنُ زِنَةً وَوَزْنًَا". والمِثَالُ اليَائي لا تُحذَفُ يَاؤهُ كـ "يَفَعَ الغُلامُ يَيْفَعُ" (ليس في اللغة إلاَّ: أيْفَعَ وتيفَّع، فهو يافع على غير قياس ولا مُوفع، وهو من النوادر، ونظيرُهُ أبْقَلَ الموضعُ وهو باقِل كَثُر بقله، وأوْرقَ النبتُ وهو وَارِق طَلَعَ ورقُه وَأوْرسَ وهو وَارِس، وأقْرَبَ الرجلُ وهو قارب إذا اقْتَربَتْ إبِلُه من الماء) و "ينَعَ الثَّمَرُ يَيْنِعُ" و "يمُنَ الرَّجُلُ يَيْمُنُ" و "يقِنَ الأمْرَ يَيْقَنُ". وشَذَّ "يَدَعُ ويَذَرُ، ويَضَعُ، ويَقَعُ، وبَلَغُ، ويهَبُ". مِثْل: مِنَ الكَلِمَات التي إذَا أُضِيفَتْ إلى مَعْرَفَة لا تُفيدُ تَعْريفًا (=الإِضافَةُ 5). وإذا أُضِيفتْ إلى مَبْني بنيت مثل غير. المُثَنَّى:
-1 تَعْريفُه: ما وُضِعَ لاثْنَيْن، وأَغْنى عن المُتَعَاطِفيْن. -2 شُروطُه: يُشتَرطُ في كُلِّ ما يُثَنَّى ثَمَانِيَةُ شُرُوط: (أحدُها) الإِفْرَاد، فلا يُثَنَّى المُثنى، ولا يُثَنَّى جَمعُ المذكَّرِ السَّالم أو جَمْع المؤنَّث، واسمُ الجِنْس، واسمُ الجَمْعِ. (الثاني) الإِعْراب، فلا يُثَنَّى - على الأَصح - المَبني، وأمَّا نحو "ذَانِ" و "اللَّذانِ" فَصِيَغٌ مَوْضُوعةٌ لِلْمُثَنَّى، ولَيْسَتْ مُثَنَّاةً حَقِيقةً (عند جمهور البصريين). (الثالث) عَدَمُ التركيب فلا يُثَنى المُرَكَّبُ تَركِيبَ إسْنادٍ اتِّفَاقًا، كقولهم "شَابَ قَرْنَاهَا" عَلَم، ويُثَنَّى هذا بِتَقْدِيم "ذَوَا" عَليه، فَتقُول: "جاءَ ذَوَا شابَ قَرْنَاها"، ولا تَرْكيبَ مَزج على الأصحّ مثل "بَعْلَبكْ" ويُثَنَّى أيضًا بـ "ذَوا" نحو "رأيتُ ذَوَي بَعْلَبَكّ". أمَّا المُرَكَّب الإِضافي فَيُسْتَغْنى بِتَثْنِيَة المُضَاف عَنْ تَثْنِيَةِ المُضافِ إليه مثل "عبد الرَّحمن" يقال في تَثْنيتها "عَبْدَا الرحمن". (الرابع) التَّنْكير فلا يُثَنَّى العَلَم إلاَّ بعْدَ قَصدِ تَنْكيرِه بأنْ يُرَادَ به وَاحِدٌ ما مُسَمَّى به، ولذلك يُعرَّفَان عِنْد إرادة التَّعْرِيف فتقول: "جَاءَ الزَّيْدَان" و "رأَيْتُ الزَّيْدَيْن" إلاّ إذا أُضِيفَ إلى مَعْرِفَة. (الخَامس) اتِّفاقُ اللَّفْظ فلا يُثَنَّى "كِتابٌ وقَلَم" ولا "خَالِدٌ وعُمَر" وأمّا نحو "الأَبَوَانِ" للأَبِ والأُمّ فمِنْ باب التَّغْليب. (السَّادِس) اتِّفَاقُ المَعْنى فلا يُثَنَّى المُشْتَرك كـ "العَيْن" إذا أُرِيدَ بهَا البَاصِرَةُ، وعَينُ الماء، ولا الحَقِيقةُ والمَجَاز، وأمّا قولُهم: "القَلَمُ أحَدُ اللسانين" فشاذٌّ. (السَّابع) أنْ لا يُسْتَغْنَى بتثْنِية غَيرِه عَنْ تَثْنِيته فلا يُثَنَّى "سَواء" لأَنَّهُم اسْتَغْنَوا بتَثْنِيةِ "سِيّ" بِمَعْنى "مِثْل، عن تَثْنِيَته فَقَالوا "سِيَّانِ" ولم يَقُولوا سَوَاءَان. وأَنْ لا يُسْتَغْنى بمُلْحَقِ المُثنى عن تَثْنِيتِه، فلا يُثَنَّى أجْمَع وجَمْعَاء استِغْنَاءً بِكِلاَ وكِلْتَا. (الثَّامِن) أنْ يكونَ لَهُ ثَانٍ في الوُجُود، فلا يُثَنَّى "الشَّمْسُ ولا القَمَرُ"، وأَمَّا قَوْلُهم "القَمَران" للشَّمْسِ والقَمَر، فَمِنْ بابِ التَّغْلِيب. -3 إعرابُهُ: ما اسْتَوْفَى الشَّروطَ الثَّمانِيَة فهو مُثَنى حَقِيقَةً، ويُعرَبُ بالأَلِفِ رَفْعًا، وباليَاءِ - المَفْتُوح ما قَبْلَها المَكْسورِ مَا بَعْدَها - جَرًَّا ونَصْبًا، هذِه هي اللُّغة المَشْهورةُ الفَصِيحة تَقُول: "اصْطَلح الخَصْمان" و "أصْلَحْتُ الخَصْمَينِ". ومِنَ العَرب مَنْ يُلزِمُ المُثَنَّى الأَلِفَ في الأَحْوالِ الثلاثة، ويُعرِبُه بِحَرَكَاتٍ مُقَدَّرَةٍ على الأَلِفِ. -4 كيف يُثَنى المُفْرد المُسْتَوفي للشُّرُوط: الأسْماءُ القَابِلةُ للتَّثْنِيَة على خَمْسة أنواع، ثَلاثَةٌ منها يجبُ ألاَّ تُغَيَّرَ عَنْ حَالها عِنْدَ التَّثْنِيَةِ وهي: (1) الصَحيحُ، كـ "أسَد" و "حمَامَةٍ" تقول فيها: "أسَدان" و "حمَامَتان". (2) المُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ الصَّحِيح، كـ "ظَبْيٍ" و "دلْوٍ" تَقُولُ فيهما: "ظَبْيَان" و "دلْوان". (3) النَّاقِص، كـ "القَاضِي" و "السَّاعِي" تَقُولُ فيهما "القَاضِيان" و "السَّاعِيان" وإذا كانَ المَنْقُوصُ مَحْذُوفَ اليَاءِ فَتُرَدُّ إليه كـ "دَاعٍ" وتثنيتها: "دَاعِيَان". أمَّا الإِثْنان البَاقِيان فلكلٍ مِنها أَحْوالٌ تخُصُّهُ: أحَدُهُما: المَقْصورُ. -5 كيف يثنى المقصور؟ المَقْصُورُ نَوْعَانِ: أحدهُما: مَا يَجِبُ قَلْبُ أَلِفِهِ يَاءً في التَّثْنِيَةِ. الثاني: ما يَجِبُ قَلْبُ أَلِفِهِ وَاوًَا. أمَّا الأوَّل ففي ثَلاثِ مسائل: (1) أن تَتَجَاوَزَ أَلِفُهُ ثَلاثَةَ أحْرُفٍ كـ "مَلْهَى" و "مصْطَفَى" و "مسْتَشْفَى" تقول فيها "مَلْهَيَان" و "مصْطَفَيَانِ" و "مسْتَشْفيَن" وشَذَّ "قَهْقَرَى" (القَهْقَرى: الرُّجوع إلى الخلف) و "خوْزَلَى" (الخَوْزَلَى: مِشْيَة فيها تبختُر) فتَثْنِيتهما: "قَهْقَران" و "خوَزَلان". (2) أَنْ تكونَ أَلِفُهُ ثَالِثةً مُبْدَلَةً مِنْ "ياء" كـ "فَتَى" و "رحَى"، قال تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَان} (الآية "36" من سورة يوسف "12") و "هاتَانِ رَحَيَانِ"، وشذَّ في: "حِمَى" (من حميت المكان: حِمَايَةً) "حَمَوان". (3) أنْ تكونَ غَير مُبْدَلَةٍ، وهي الأَصْلِيَّةُ، وتكونُ في حَرْفٍ أَوْ شِبْهِه. والمَجْهُولَةُ الأَصْل، وهي التي في اسم لا يُعْلَمُ أصلُه، فالأُولَى: كـ "مَتَى" و "بلَى" إذا سَمَّيتَ بهما (لأنه قبل العِلمية لا يثنى ولا يوصف بالقصر لبنائه) فإنَّكَ تَقُولُ في مُثَنَّاهُما: "مَتَيَان" و "بلَيَان". والثانية: نحو "الدَّدَا" (الدَّدَا: اللَّهو واللعب) بوزن الفَتى تَقُولُ في مُثَنَّاهَا: "الدَّدَيَان"، ومن ذلكَ: الأَسْماءُ الأَعْجَمِيَّةُ كـ "مُوسَى" فإنَّهُ لا يُدْرَى أألِفُهُ زَائِدةٌ كألِفِ "حُبْلى" أنْ أَصْلِيَّةٌ أمْ مُنْقَلِبَةٌ، فالمَشْهُورُ في الاثْنَتين أنْ يُعتَبَر حالُهما بالإِمَالَة (الإِمَالَة: تحصُل بإمالَة الأَلِف نحو الياء) فإنْ أُمِيلا ثُنِّيَا باليَاءِ، وإنْ لم يُمَالاَ ثُنِّيَا بالواو (وهناك أقوال ثلاثة أخرى انظرها في الأشموني والصبان). النوع الثاني: مَا يَجبُ قَلْبُ أَلِفهِ وَاوًَا وذلكَ في مَسْأَلَتَين: (الأُولَى): أنْ تكونَ مُبْدَلَةً من الواو نحو "عَصَا وقَفَا ومَنَا" فتقولُ فيها: "عَصَوَان وقَفَوان ومَنَوان" قال الشاعر: وقَدْ أَعْدَدْتُ للعُذَّالِ عِنْدِي *** عَصًَا في رَأسِهَا مَنَوا حَدِيدِ (منوا: تثنية مَنا وهو ما يُوزَن به) وشَذَّ قولُهم في "رِضا" "رِضَيَان" مع أنَّهُ من الرِّضوان. (الثانية) أنْ تكونَ غيرَ مُبْدَلة ولم تُمَل نحو "لدَى" و "ألا" الاسْتِفْتَاحِيَّة و "أذا"، تقول إذا سَمَّيْتَ بِهِنّ: "لَدَوَان" و "ألْوَان" و "أذَوَان". -6 كيف يُثنى المَمْدُود: المَمْدُودُ أرْبَعَةُ أنواع: (1) ما هَمْزَتُه أَصْلِيَّةٌ فيَجِبُ سَلامة هَمْزَتِهِ كـ "خَطّاء" و "وضَّاء". تَقوْلُ في تثنيهما: "خَطَّاءَان" و "وضَّاءَان". (2) مَا هَمْزَتُه بَدَلٌ مِنْ ألِفِ التَّأْنيثِ فَيجبُ قَلْبُ هَمْزَتهِ "واوًا" نحو "حَمْراء وصَحْراء وغَرَّاء"، تقول: "حَمْراوَان وصَحْرَاوَان وغَرَّاوَان"، وشَذَّ "حَمْرايَان"، بِقَلْبِ الهَمْزَةِ ياءً، و "قرْفُصَان وخُنْفُسَان وعَاشُورَان وقَاصِعَان" بحَذْفِ الأَلِف والهمزة مَعًا مُثَنَّى قُرْفُصاء وخُنْفُساء وعَاشُورَان وقَاصِعَاء (والجيد الجاري على القياس: قُرفُصَاوَان، وخُنْفُسَاوان، وعَاشوراوان، وقاصِعَاوان). (3) ماهمزَتُهُ بَدَلٌ مِنْ أصْل، نحو "كِسَاء وحَيَاء" أصلُهما: "كِسَاو" و "حيَايَ" وهذا يترجح فيه التصحيح - وهو إقْرارُ الهَمْزة على حَالِها - على الإِعْلالأي كِسَاءَان وحَيَاءَان. (4) ما هَمْزَتُه بَدَلٌ مِنْ حرْفِ الإِلْحَاق كـ "عِلْبَاء" (العِلْباء: عصبة في العنق) و "قوبَاء" (القُوْباء: من تقلع عن جلده الجرب) أَصْلُهما "عِلْبَاي" و "قوبَاي" بِيَاءٍ زَائِدَةٍ فيهما، وهَذَا يَتَرجَّحُ فيه الإِعْلالُ على التصحيح، فتقول: عِلبايَان، وقُوبَايان. -7 المُلْحَقُ بالمُثَنى: أُلْحِقَ بالمُثَنى في الإِعراب بالحروف أرْبعةُ ألْفَاظٍ "اثْنَان واثْنتانِ" في لُغَةِ الحِجازيّين، و "ثنْتَان وثِنتين" في لُغَةِ التَّمِيمِيّين، مُطْلقًا، أُفْرِدَا، أَوْ رُكِّبا مَع العَشْرة، أو أُضِيفَا إلى ضَميرِ تَثْنِيَةٍ فلا يقالُ: "جَاءَ الرَّجُلانِ اثْنَاهُما" و "المَرْأَتَانِ اثْنَتَاهُما". و "كلا وكِلْتَا" بِشَرْطِ أنْ يُضافا إلى مُضْمَرٍ تقول: "أَعْجَبَني التِّلْميذانْ كِلاَهُمَا". و "التِّلْميذَتَانِ كِلْتَاهُمَا" و "رأْيتُ المُعَلِّمَيْنِ كِلَيْهِما" و "المُعَلِّمَتَيْنِ كلْتَيْهِمَا" و "نظَرْتُ في الكِتَابَيْن كِلَيْهما" و "ذهَبْتُ إلى المدْرَسَتين كلتَيْهِما" فإنْ أُضِيفَا إلى ظَاهِرٍ أُعْرِبَا بالحَركاتِ المقَدَّرة على الأَلِفِ إعْرَابَ المَقْصُورِ، تقول: "أتى كِلا الأستاذَين" و "كلتا المعلمتين" و "رأيتُ كلا الأُسْتاذَيْن" و "كلْتَا المعَلمتين" و "اسْتَمَعْتُ إلى كِلا الأُسْتَاذَيْن" و "ألى كلا المُعلمتين". كَمَا يُلْحَقُ بالمُثنَّى أَيْضًا ما سُمِّي بِهِ مِنْه كـ "زَيْدَان" إذا كانَ هذا اللَّفْظُ عَلَمًا، فيُرْفَع بالألف ويُنْصَب ويُجرُّ بالياء كالمُثَنَّى، ويَجوزُ في هذا النوع أن يجْري مَجْرى سَلْمَان فَيُعْربُ إعْرَابَ مَا لا يَنْصَرِفُ للعَلَمِيَّة وزِيادَةِ الأَلِف والنُّون، وإذا دَخَلَ عليه "أل" جُرَّ بالكَسْرَةِ. -8 إذَا أرَدْتَ تَثْنِيَةَ المُسمَّى بالمثنَّى، كـ "حَسَنَيْن" أو جَمْعَهُ لا تَأْتي بحرْفَيِ الزِّيادة: الألف والنُّون أو الياءِ والنُّون، للمُثَنَّى نحو "أتَى ذَوَا حَسَنَيْن" و "رأيتُ ذَوَيْ حَسَنَيْن". أمَّا في الجَمْع فـ "ذَوُو" تقول: "أتَى ذَوُو حَسَنَيْن" و "رأيت ذَوِي حَسَنَيْن". -9 حُكْمُ حَرَكَةِ نُون المُثَنَّى وما أُلْحِقَ بِهِ: نُونُ المُثنى، وما حُمِلَ عليه مَكْسُورَةٌ بعدَ الأَلفِ والياءِ، على أَصْلِ التِقَاءِ السّاكنين، هذا هو الصحيح، وضَمُّها بعدَ الأَلِف - لا بعدَ الياء - لُغَةٌ، كقوله: يَا أبَتَا أرَّقَنِي القِذَّانُ *** فالنَّومُ لا تَألَفُهُ العَيْنَانُ (القِذَّان: البَرَاغيث، واحِدَتُها قذَّة وقُذَذ) بِضَم النونِ، وفَتْحِها بعدَ الياء لُغَةٌ لبَني أسَد حَكاها الفَرَّاءُ كَقَولِ حُميد بن ثَور يصفُ قطاةً: على أَحْذِيَّينَ استَقَلَّتْ عَشِيَّةً *** فَمَا هِيَ إلاَّ لمْحَةٌ وتَغِيبُ (الرِّواية بفتح النون من "أحْذِيّيَن" تثنية أحوذي. وهو الخفيف في المَشْي لِحذْقه، وأراد بالأَحْوذيين هنا جناحي قَطَاة يصفُهما بالخِفَّة وفاعل استقلت ضمير القطاة. والمعنى أن القطاة ارتفعت في الجو عنه على جَنَاحَيْن، فما يُشاهِدثها الرائي إلا لِمْحَةً وتغيبُ عنه). المُجَاوَرَة: قدْ تُعْطَى الكَلِمَةُ حَرَكَةَ الكَلِمَةِ المُجَاوِرَةِ كقَولِ بَعْضِهم: "هَذا جُحْر ضبٍّ خَرِبٍ" بجرِّ "خَرِبٍ" والأَصْلُ فيه الضمُّ لأَنَّهُ صفَةٌ لجُحْرٍ فَبِمُجَاوَرَتِه لـ "ضَبٍّ" وهو مَجْرُورٌ بالإِضافَةِ - جُرّ "خَرِبٌ" مثلُه ولم يخْرُجْ عَنْ كونِه صِفَةً لجُحْر ولكنْ مَنع من ظُهُورِ الضمَّةِ حَرَكةُ المُجَاورَةِ، ومِنْ ذلك قوله تعالى: {وَحُورٍ عِينٍ} (الآية "17 و 23" من سورة الواقعة "56" والآيات هي {يطوف عليهم ولدانٌ مُخلدون، بأكواب وأباريقَ وكأسٍ من معين، لا يُصَدَّعون عنها ولا يُنزفون، وفاكهةٍ مما يتخيرون، ولحمِ طَيرٍ مما يشتهون، وحورٍ عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون} فيمن جرَّهما والأصلُ أن "وحورٍ" معطوف على "وِلدانٌ" لا على {أكْوابٍ وأَبَارِيقَ}. ومثله قول امرئ القيس: كأنَّ ثَبيرًا في عَرَايِين وَبْلِهِ *** كَبيرُ أُنَاسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ (ثبير: اسم جبلٍ بعينه، عرانين: جمع عرنين وهو الأنف استعار العرانين لأوائل المطر. البِجَاد: كِساء مُخَطَّط، التزميل: التلفيف بالثياب) فـ "مُزمَّلِ" تأثَّر بحركةِ الكَلِمَة قَبْلَها "بِجَاد" بحكم المُجَاوَرَة، وهو في الحقيقَة والمَعْنى: صِفَةٌ لـ "كَبِير". المَجْزُومِ بِجَواب الطلب:
(=المضارع المَجْزُومِ بِجَواب الطلب). مُذ ومُنْذُ:
-1 هُمَا حَرْفَانِ مِنْ حُروفِ الجَرّ يخْتَصَّان بالزَّمَان، قال سيبويهِ: مُذْ للزَّمانِ مثلُ مِنْ للمكَان، ويشترط في هذا الزَّمانِ أنْ يكونَ مُعَيّنًا لا مُبْهَمًا، مَاضِيًا أوْ حَاضِرًا لا مُسْتَقْبلًا، تقولُ: "مَا رَأَيْتُه مُذْ يومِ الجُمَعة" أو "مُذْ يَوْمِنَا" ولا تقول: مُذْ يومٍ، ولا أَرَاهُ مُذْ غدٍ ومثلها: مُنْذُ أم حَركَةُ الذالِ في مُنذُ ومُذْ فقد أجْمَعتِ العَرَبُ على ضَمِّ الذَّالِ في مُنْذُ إذا كانَ بَعْدها مُتَحرِّكٌ أو سَاكِنٌ كقَولِك: لم أرَهُ مُنذُ يومٍ، ومُنذُ اليَوم، وعلى إسْكان مُذْ، إذا كانَ بعدها أَلِفُ وَصْل، ومثلُه الأزهري فقال: كقولك: لم أره مُذْ يَومَان، ولم أَرَه مُذِ اليوم، ومُذْ غَدٍ، ومثل مُذْ مُنذُ، فأمَّا قولُهمْ "ما رَأيته مُنْذُ أَنَّ اللهَ خَلَقَه"، فعلى تَقْدِير: مُنْذُ زَمَنِ خَلْقِ اللهِ إيَّاهُ. ومعْنَاهُمَا: ابْتِداءُ الغَايَةِ مثل "مِن" إنْ كانَ الزَّمَانُ مَاضيًا كقولِ زُهَيرِ بنِ أبي سُلمى: لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الحِجْرِ *** أقْوَيْنَ مُذْ حِجَجٍ ومُذْ دَهْرِ (القنة: أعلى الجبل، والحجر: منازل ثمود، أقوين: خلون، الحجج: جمع حجة: وهي السَّنة) أي مِنْ حِجَجٍ ومن دَهْرٍ، وكقول امْرِئ القَيْس في "مُنْذُ": قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكرى حبيبٍ وعرْفانِ *** ورَبْعٍ عَفَتْ آثارُهُ مُنْذُ أزمانِ وإنْ كانَ الزَّمَانُ حَاضِرًا فمَعْنَاهُما "الظَّرْفِيَّة" نحو "مَا رَأَيْتُهُ مُنذُ يَوْمِنا" وإنْ كانَ الزَّمَانُ معْدُودًا فمَعْناهُما "ابْتِداءُ الغَايَةِ وانتِهاؤها مَعًا". أي بمعنى "مِن وإلى" نحو "مَا رَأيتُه مُذْ يَوْمَيْن". -2 وقَدْ يكونَانِ اسْمَين، وذلك في مَوْضِعَيْن: (أحدُهما): أنْ يَدْخُلا على اسمٍ مَرْفُوعٍ، نحو "مَا رَأيتُهُ مُذْ يَوْمان" أو "مُنْذُ يَوْمُ الجُمُعةِ" وهُمَا حِينئذٍ مُبْتَدآنِ، ومَا بَعْدَهما خَبر، والتَّقْدير: أمَدُ انْقِطاعِ الرُّؤيةِ يَوْمَانِ، وأوَّلُ انْقِطاعِ الرُّؤْيةِ يَوْمُ الجُمُعة، وقِيل ظَرْفَان، وما بَعْدَهما فَاعِلٌ بـ "كَان" التَّامّة مَحْذُوفةً تَقْديره: مُذْ كانَ، أو مُذْ مَضَى يَومَان. (الثاني): أنْ يَدْخُلا على الجُمْلَةِ فِعْلِيةً كانَتْ وهُوَ الغَالِبُ كقَولِ الفَرَزْدَق يَرْثي يزيد بنَ المُهَلَّب: مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إزَارَه *** فَسَمَا فأدْرَكَ خَمْسَةَ الأشْبارِ ("سما" ارتفع "أدْرك خَمْسة الأشبار" مثل يقولون لِفَتىً قد عقل وفَهم، وخبر "ما زال" قوله في البيت بعده "يدني كتائب من كتائب تلتقي") أو اسْمِيةً كقَولِ الأعشى: ومَا زِلتُ أبْغي الخيرَ مُذْ أنا يَافِعٌ *** وَلِيدًا وَكَهْلًا حينَ شِبْتُ وأَمْرَدا (اليافع: يدني الذي زاد على العشرين) المُذْكَّر والمُؤَنَّث: (=التأنيث والتذكير)
|